الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

فادي طلعت : امريكا والربيع العربي






أمريكا اللاعب و المخطط و المنفذ رقم واحد الذي قلب الأنظمة العربية و أستبدلها بأخري أسلامية من أجل مزيد من التركيع و تفتيت الدول العربية .. و الهدف الأساسي محاصرة روسيا بالتطرف و القضاء عليها


اذا يحدث في الشرق الاوسط الان ؟! .. و هل أمريكا لها يد مما يحدث ؟! .. و ما هي مصلحتها من كل هذا ؟! .. و ما هي دوافع روسيا للدفاع عن الأنظمة العربية المتواجدة و مساندتها حتي لا تسقط ؟!! .. كل هذه الأسئلة تدور في أذهان الكثير و الكثير مما يتسألون عن الحلقة المفقودة دائما و ما مصحلة الدول الكبري فيما يحدث الان حيث سارعت أمريكا في التصريح بأنها تريد أسقاط الأنظمة العربية القديمة و قد ساعدت بالفعل في أسقاط العديد من الأنظمة العربية .
فقد أعلنت هيلاري كلينتون قبل ان تبداء حتي ثورة تونس بثلاثة أيام من الدوحة عاصمة قطر حين قالت " الان حان موعد التغيير " .. وبالفعل بعد ثلاثة أيام قامت الثورة التونسية و بعدها المصرية و من ثم أشتعلت في باقي الدول العربية دون أن يعلم كيف ذلك تم و لكن لا يستطيع أن ينكر احد أن امريكا كان لها اليد الطولي في أسقاط كل الدول التي تم أسقاطها عن طريق الضغط الدولي و أمداد الطرف الاخر بالمادة و المعلومات و الدعم الكامل من اجل اسقاط الأنظمة المتواجدة .
و الكل يعرف الطرق و السبل التي سلكتها الولايات المتحدة الأمريكية في أسقاط الأنظمة القديمة و لكن السؤال دائما لماذا تسعي أمريكا لأنشاء أنظمة جديدة ؟! .. و ما هي نوع الأنظمة التي ساندتها أمريكا و جعلتها رقم 1 في المنطقة ؟! .. و ما هو المطلوب من هذه الأنظمة الجديدة تجاه أمريكا ؟!
لكي نجيب علي كل هذه الأسئلة يجب أن نقسم موضوعنا ألي ثلاث نقاط رئيسية و هي خطط أمريكا لأسقط الأنظمة القديمة و أستبدالها بأخري جديدة و دوافعها لأسقاطها في هذه الفترة .. وماهي أستفادة أمريكا من زرع نظم أسلامية في الشرق الأوسط .. و النقطة الأخيرة لماذا تدافع روسيا عن الأنظمة القديمة و تقف دائما مع الأنظمة القديمة ضد الأنظمة الأسلامية الجديدة .
أولا : لماذا و كيف أسقطت أمريكا النظم العربية القديمة و أستبدالها بأخري جديدة :
(أ) مخطط برنارد لويس لتفتيت العالم العربي :
الذين لم يقرؤا التاريخ يظنون ما صنعته امريكا بالعراق من احتلال وتقسيم هو امر مفاجيء
جاء وليد الاحداث التي انتجته
وما يحدث الان في جنوب السودان له دوافع واسباب
ولكن الحقيقة الكبري انهم نسوا ان ما يحدث الان هو تحقيق وتنفيذ للمخطط الاستعماري
الذي خططته وصاغته واعلنته الصهيونية والصليبية العالمية لتفتيت العالم الاسلامي
وتجزئته وتحويله الي ” فسيفساء ورقية
تكون فيه اسرائيل هي السيد المطاع وذلك منذ انشاء هذا الكيان الصهيوني علي ارض فلسطين 1948 .
وعندما ننشر هذه الوثيقة الخطيرة لـ ” برنارد لويس
نشرت صحيفة ” وول ستريت جورنال “ مقالا قالت فيه :
ان برنارد لويس ” 90 عاما “ المؤرخ البارز للشرق الاوسط
وقد وفر الكثير من الذخيرة الايدلوجية لادارة بوش في قضايا الشرق الاوسط والحرب علي الارهاب
حتي انه يعتبر بحق منظرا لسياسة التدخل والهيمنة الامريكية في المنطقة .
لويس الاستاذ المتقاعد بجامعة ” برنستون “ ألف عشرين كتابا عن الشرق الاوسط
من بينها ” العرب في التاريخ
و ” الصدام بين الاسلام والحداثة في الشرق الاوسط الحديث
و ” ازمة الاسلام
حرب مندسة وارهاب غير مقدس .
حيث ذكرت الصحيفة الامريكية ان ” لويس “ كان مع الرئيس بوش الان ونائبه تشيني خلال اختفاء الاثنين
علي اثر حادثة ارتطام الطائرة بالمركز الاقتصادي العالمي
وخلال هذه الاجتماعات ابتدع لويس للغزو مبرراته واهدافه التي ضمنه في مقولات
صراع الحضارات ” و ” الارهاب الاسلامي
في مقابلة اجرتها وكالة الاعلام مع ” لويس “ في 20/5/2005 قال الاتي بالنص :
ان العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون لا يمكن تحضيرهم
واذا تركوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية ارهابية تدمر الحضارات وتقوض المجتمعات
ولذلك فان الحل السليم للتعامل معهم هو اعادة احتلالهم واستعمارهم
وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية
وفي حال قيام امريكا بهذا الدور فان عليها ان تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة
لتجنب الاخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان ,
انه من الضروري اعادة تقسيم الاقطار العربية والاسلامية الي وحدات عشائرية وطائفية
ولا داعي لمراعاة خواطرهم او التاثر بانفعالاتهم وردود الافعال عندهم
ويجب ان يكون شعار امريكا في ذلك
اما ان نضعهم تحت سيادتنا او ندعهم ليدمروا حضارتنا
ولا مانع عند اعادة احتلالهم ان تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة علي الحياة الديمقراطية ,
وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع ان تقدم امريكا بالضغط علي قيادتهم الاسلامية
دون مجاملة ولا لين ولا هوادة -
ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الاسلامية الفاسدة ,
ولذلك يجب تضييق الخناق علي هذه الشعوب ومحاصرتها
واستثمار التناقضات العرقية والعصبيات القبلية والطائفية فيها
قبل ان تغزوا أمريكا وأوربا لتدمر الحضارة فيها .
انتقد ” لويس “ محاولات الحل السلمي وانتقد الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان
واصفا هذا الانسحاب بانه عمل متسرع ولا مبرر له
فاسرائيل تمثل الخطوط الامامية للحضارة الغربية وهي تقف امام الحقد الاسلامي الزائف نحو الغرب الاوربي والامريكي
ولذلك فان علي الامم الغربية ان تقف في وجه هذا الخطر البربري دون تلكؤ او قصور
ولا داعي لاعتبارات الراي العام العالمي
وعندما دعت امريكا عام 2007 الي مؤتمر ” انابوليس “ للسلام
كتب لويس في صحيفة – وول ستريت - يقول :
يجب الا ننظر الي هذا المؤتمر ونتائجه الا باعتباره مجرد تكتيك موقوت
غايته تعزيز التحالف ضد الخطر الايراني وتسهيل تفكيك الدول العربية والاسلامية
ودفع الاتراك والاكراد والعرب والفلسطينيين والايرانيين ليقاتل بعضهم بعضا
كما فعلت امريكا مع الهنود الحمر من قبل .
"بريجنسكي"مستشار الأمن القومى الأمريكى
مشروع برنارد لويس لتقسيم الدول العربية والاسلامية والذي اعتمدته الولايات المتحدة لسياسيتها المستقبلية
1- في عام 1980 والحرب العراقية الايرانية مستعرة صرح مستشار الامن القومي الامريكي ” بريجنسكي ” بقوله :
ان المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة من الان
( 1980)
هي كيف يمكن تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم علي هامش الخليجية الاولي
التي حدثت بين العراق وايران
تستطيع امريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس- بيكو *
2- عقب اطلاق هذا التصريح وبتكليف من وزارة الدفاع الامريكية ” البنتاجون
بدأ المؤرخ الصهيوني المتأمرك ” برنارد لويس ” بوضع مشروعه الشهير الخاص
بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والاسلامية جميعا كلا علي حدة
ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وايران وتركيا وافغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الافريقي …الخ ,
وتفتيت كل منها الي مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية
وقد ارفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت اشرافه
تشمل جميع الدول العربية والاسلامية المرشحة للتفتيت
جيمى كارتر - الرئيس الأسبق لأمريكا
بوحي من مضمون تصريح ” بريجنسكي ” مستشار الامن القومي في عهد الرئيس ” جيمي كارتر *
الخاص بتسعير حرب خليجية ثانية تستطيع الولايات المتحدة من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو
بحيث يكون هذا التصحيح متسقا مع الصالح الصهيو امريكي .
3- في عام 1983 وافق الكونجرس الامريكي بالاجماع في جلسة سرية علي مشروع الدكتور ” برنارد لويس
وبذلك تم تقنين هذا المشروع واعتماده وادراجه في ملفات السياسة الامريكية الاستراتيجية لسنوات مقبلة .
تفاصيل المشروع الصهيو أمريكي لتفتيت العالم الإسلامي “لبرنارد لويس
مصر والسودان
خريطة تقسيم مصر والسودان
(1) مصـــــــر
4 دويلات
1. سيناء وشرق الدلتا:
تحت النفوذ اليهودي
(ليتحقق حلم اليهود من النيل إلى الفرات).
2. الدولة النصرانية:
عاصمتها الأسكندرية.
ممتدة من جنوب بني سويف حتى جنوب أسيوط واتسعت غربًا لتضم الفيوم
وتمتد في خط صحراوي عبر وادي النطرون ليربط هذه المنطقة بالأسكندرية.
وقد اتسعت لتضم أيضًا جزءًا من المنطقة الساحلية الممتدة حتى مرس مطروح.
3. دولة النوبة:
المتكاملة مع الأراضي الشمالية السودانية.
عاصمتها أسوان.
تربط الجزء الجنوبي الممتد من صعيد مصرحتى شمال السودان باسم بلاد النوبة بمنطقة الصحراء الكبرى
لتلتحم مع دولة البربر التي سوف تمتد من جنوب المغرب حتى البحر الأحمر.
4. مصر الإسلامية:
عاصمتها القاهرة.
الجزء المتبقى من مصر.
يراد لها أن تكون أيضًا تحت النفوذ الإسرائيلي
(حيث تدخل في نطاق إسرائيل الكبرى التي يطمع اليهود في إنشائها.
.
(2) الســــــــودان
انظر الخريطة السابقة
(خريطة تقسيم مصر والسودان)
4 دويلات
1- دويلة النوبة:
المتكاملة مع دويلة النوبة في الأراضي المصرية التي عاصمتها أسوان.
2- دويلة الشمال السوداني الإسلامي:
3- دويلة الجنوب السوداني المسيحي:
وهي التي سوف تعلن انفصالها في الاستفتاء 9/1/2011
ليكون أول فصل رسمي طبقا للمخطط.
4- دارفور:
والمؤامرات مستمرة لفصلها عن السودان بعد الجنوب مباشرة حيث أنها غنية باليورانيوم والذهب والبترول.
(3) دول الشمال الأفريقي
خريطة تقسيم شمال افريقيا
تفكيك ليبيا والجزائر والمغرب بهدف إقامة:
1- دولة البربر:
على امتداد دويلة النوبة بمصر والسودان.
2- دويلة البوليساريو
3- الباقي دويلات المغرب والجزائر وتونس وليبيا
(4) شبه الجزيرة العربية (والخليج)
خريطة تقسيم شبه الجزيرة العربية والخليج
- إلغاء الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان واليمن والإمارات العربية من الخارطة
ومحو وجودها الدستوري بحيث تتضمن شبه الجزيرة والخليج ثلاث دويلات فقط.
1- دويلة الإحساء الشيعية:
(وتضم الكويت والإمارات وقطر وعمان والبحرين).
2- دويلة نجد السنية.
3- دويلة الحجاز السنية.
(5) العـــــــــــراق
خريطة تقسيم سوريا والعراق
تفكيك العراق على أسس عرقية ودينية ومذهبية على النحو الذي حدث في سوريا في عهد العثمانيين.
3 دويلات
1- دويلة شيعية في الجنوب حول البصرة.
2- دويلة سنية في وسط العراق حول بغداد.
3- دويلة كردية في الشمال والشمال الشرقي حول الموصل (كردستان)
تقوم على أجزاء من الأراضي العراقية والإيرانية والسورية والتركية والسوفيتية (سابقا).
ملاحظة:
[صوت مجلس الشيوخ الأمريكي كشرط انسحاب القوات الأمريكية من العراق في 29/9/2007
على على تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات المذكور أعلاه
وطالب مسعود برزاني بعمل استفتاء لتقرير مصير إقليم كردستان العراق
واعتبار عاصمته محافظة (كركوك) الغنية بالنفط محافظة كردية
ونال مباركة عراقية وأمريكية في أكتوبر 2010
والمعروف أن دستور "بريمر" وحلفائه من العراقيين
قد أقر الفيدرالية التي تشمل الدويلات الثلاث على أسس طائفية:
شيعية في (الجنوب)/ سنية في (الوسط)/ كردية في (الشمال)،
عقب احتلال العراق في مارس-إبريل 2003].
(6) ســــــــــوريا
انظر الخريطة السابقة(خريطة تقسيم سوريا والعراق)
تقسيمها إلى أقاليم متمايزة عرقيا أو دينيا أو مذهبيا
4 دويلات
1- دولة علوية شيعية (على امتداد الشاطئ).
2- دولة سنية في منطقة حلب.
3- دولة سنية حول دمشق.
4- دولة الدروز في الجولان ولبنان
(الأراضي الجنوبية السورية وشرق الأردن والأراضي اللبنانية.
(7) لبنــــــــــان
خريطة تقسيم لبنان
تقسيم لبنان إلى ثمانية كانتونات عرقية ومذهبية ودينية:
1- دويلة سنية في الشمال (عاصمتها طرابلس).
2- دويلة مارونية شمالا (عاصمتها جونيه).
3- دويلة سهل البقاع العلوية (عاصمتها بعلبك)
خاضعة للنفوذ السوري شرق لبنان.
4- بيروت الدولية (المدوّلة)
5- كانتون فلسطيني حول صيدا وحتى نهر الليطاني تسيطر عليه منظمة التحرير الفلسطينية (م.ت.ف)
6- كانتون كتائبي في الجنوب والتي تشمل مسيحيين ونصف مليون من الشيعة.
7- دويلة درزية (في أجزاء من الأراضي اللبنانية والسورية والفلسطينية المحتلة).
8- كانتون مسيحي تحت النفوذ الإسرائيلي.
(8) إيران وباكستان وأفغانستان
تقسيم ايران وباكستان وافغانستان
تقسيمها إلى عشرة كيانات عرقية ضعيفة:
1- كردستان.
2- أذربيجان.
3- تركستان.
4- عربستان.
5- إيرانستان
(ما بقى من إيران بعد التقسيم).
6- بوخونستان.
7- بلونستان.
8- أفغانستان
(ما بقى منها بعد التقسيم).
9- باكستان
(ما بقى منها بعد التقسيم).
10- كشمير.
(9) تركيــــــــا
انتزاع جزء منها وضمه للدولة الكردية المزمع إقامتها في العراق.
(10) الأردن
تصفية الأردن ونقل السلطة للفلسطينيين.
(11) فلســــــطين
خريطة فلسطين
ابتلاعها بالكامل وهدم مقوماتها وإبادة شعبها.
(12) اليمــــــــن
إزالة الكيان الدستوري الحالي للدولة اليمنية بشطريها الجنوبي والشمالي واعتبار مجمل أراضيها جزءًا من دويلة الحجاز.
(ب) أمريكا تعترف أمام العالم أنها هي من تزرع
2 لماذا رحبت امريكا بصعود الاسلاميين فى العالم العربي ؟
من تونس مروراً بالمغرب و حتى مصر ، رحبت الخارجية الأمريكية ، و بشدة ، بنتائج الأنتخابات البرلمانية التى اسفرت عن اشارات واضحة لسيطرة التيار الاسلامي على العملية السياسية فى العالم العربي خلال الفترة المقبلة.
هذا الترحيب الذى كان ضرباً من الخيال فى السنوات الماضية اثار استغراب الكثيرون ، و لكن هذا الترحيب كان نتاج عمل سياسي شاق جرى بعضه قبل اندلاع الربيع العربى فى ديسمبر من العام الماضى.
العمل بدأ اولاً على صعيد الشق الاقتصادي ، حيث توافد الى العالم العربي مندوبين من صندوق النقد الدولى و البنك الدولي ، بالاضافة الى ممثلين لاكبر الشركات و المؤسسات المستفيدة و القائدة للعولمة ، و كان هم هذه الوفود الاقتصادية هو فهم موقف التيار الاسلامي من الاقتصاد الحر و اقتصاد السوق و املاءات صندوق النقد الدولي ، وكانت المفاجأة أن التيار الاسلامي ابدى انفتاح غير مسبوق حيال هذه الافكار و تلك الوفود ، وفوجئت وفود العولمة بان الاسلاميين لن يطبقوا افكاراً اقتصادية التى تعرف باسم "الاقتصاد الاسلامي"، و ان التعاون مع صندوق النقد الدولي قائم ، و ان الاسلاميين لن يسعوا الى تقليص الاستثمار الاجنبي داخل العالم العربي.
هذه الضمانات جعلت شركات النظام الاقتصادي العالمي تعطي الضوء الاخضر للانظمة السياسية القائدة لهذا النظام ، سواء فى الولايات المتحدة الأمريكية او اوروبا، بان التخوف الاقتصادي من صعود الاسلاميين لم يعد موجوداً، و انه يمكن القبول بهم فى المنظومة الاقتصادية الجارية.
اما عالم السياسة ، فكان له رأي آخر فى الترحيب بصعود الاسلاميين، بعيداً عن المخاوف الاقتصادية ، ففى بادئ الامر صعود الاسلاميين يعني نهاية فكرة القومية العربية و الحلم الناصري ، و معهم اليسار العربي العتيد ، فالتيار الاسلامي لو سعى اصلاً لاى وحدة جغرافية فأن الوحدة سوف تكون على اسس دينية ، و اذا كان العرب قد فشلوا قاربة الـــ 100 عام فى توحيد قرابة 20 دولة عربية ، فهل سوف ننجح فى توحيد أكثر من 60 دولة اسلامية منتشرة فى ثلاثة قارات ؟؟
ضرب معاقل القومية العربية كان واحداً من اهم اسباب تحمس حلف الناتو لما سمي حماية المدنيين فى ليبيا ، او الى تحمس الغرب لاسقاط نظام بشار الاسد عبر دعم وصناعة تمرد عسكري واسع فى سوريا سوف يظهر بشكل واضح خلال الاشهر المقبلة بعد ان تم الاتفاق على كل شئ فى مؤتمر لم يعد سراً جرى فى اسطنبول التركية الشهر الماضى، و لا ننسى ان احدى معاقل القومية العربية ضرب بشكل مباشر حينما احتلت امريكا العراق عام 2003 ، كما ان معالم القومية العربية اختفت من السياسة المصرية على ضوء 30 عاماً من تخريب العلاقات الخارجية لمصر خلال سنوات النظام السابق.
و هكذا يتخلص الغرب من قوى سياسية ظل متخوفاً منها رغم ضعفها الواضح طوال السنوات الماضية ، فاليوم تعيش القومية العربية و اليسار العربي و فكرة الوحدة العربية ايامها الاخيرة ، بعد ان سيطر الفكر الاسلامي على الناخب العربي.
و الى جانب ما سبق ، رأى الغرب ان تولية الاسلاميين الحكم فى الدول العربية ، من شانه اسقاط ما يطلق عليه "سحر الاضطهاد"، اى التعاطف الشعبي الواضح و الصريح مع الاسلاميين نظراً لتعرضهم الدائم للاعتقال و التنكيل من قبل الحكومات الديكتاتورية التى راح الربيع العربي يسقطها واحداً تلو الآخر ، فاليوم اصبح التيار الاسلامي واحداً من الأحزاب الموجودة فى الساحة ، لم يعد تنظيم سرى يعمل من اجل مقاومة الطغاة بكل ما فى هذا التعريف من عاطفة تأسر القلوب ، و هكذا خسر التيار الاسلامي واحدة من اهم مميزاته.
كما ان توليه الاسلاميين الوزارات العربية من شانه ان يفضح المواقف الحقيقية لهذا التيار ، خاصة اذا ما بدأ الغرب فى التحرش السياسي او الاعلامي بهذه الدول كما كان يفعل مع الحكومات السابقة ، فاذا لم تأتى الحكومات الاسلامية بفعل جديد عن ما سبقها فأنها فى نظر الناس سوف تبدأ رويداً رويداً فى التساوي مع الحكومات السابقة ، بالاحرى ان صعود هذه التيارات للحكم يعني بداية العد التنازلى لشعبيتها الجارفة فى العالم العربي، ما لم تحدث معجزة و يستطيع هذا التيار ان يكون نداً حقيقياً للغرب .
و الى جانب كل هذا ، فأن الغرب يسعى الى إيجاد بديل اسلامي فى المنطقة بدلاً من الجمهورية الاسلامية الايرانية و المقاومة الاسلامية فى لبنان و فلسطين ، و ذلك حتي يقلل من افتتان العرب بالتجربة الايرانية الاسلامية ، فاليوم قوى سنية معتدلة تصعد فى الشرق ، من اجل سحب البساط من اسفل الكتلة الشيعية التى ابهرت الجميع فى ايران ولبنان على وجه الخصوص ، تماماً كما عمل الغرب لفترة على تزكية زعامة الزعيم التركي رجب طيب اردوجان للعالم العربي كبديل مناسب لهم عن الزعيم الايراني محمود احمدي نجاد ، تركيا يمكن التعامل معها سياسياً و التلاعب معها وفقاً لقواعد السياسة ، و كذلك كافة دول الربيع العربي التى انتصرت او التى لم تنتصر بعد ، بينما الاسد الفارسي هو الهدف الاساسي.
اذا ما قرر الغرب تركيز المعركة مع ايران ، فأن "اسلامية" المعركة قد انتهت ، لأن هنالك تيارات اسلامية اخرى تحكم العالم العربي بالفعل ، و بالتالى لن يهتم المسلمين بالكثافة السابقة ، على اعتبار ان لديهم تجربتهم الاسلامية بعيداً عن ايران ، بينما كثير من المسلمين قبل صعود الاسلام السياس كان قد تعلق بالتجربة الايرانية و اللبنانية على اعتبار انها المعقل الاخير للاسلام السياسي ، فقام الغرب بنسخ نسخ مشوهة من هذه التجربة فى دول الربيع العربي حتى يهدأ – أو ينتهي – تعلق الناس بالتجربة الايرانية ، و لا ننسي ان التيار الاسلامي فى العالم العربى خاصة الدائرة السلفية تنظر الى ايران الشيعية نظرة الخوارج عن الدين.
هكذا يعتبر صعود الاسلامين فى العالم العربي خطوة توظفها امريكا جيداً لصالحها منذ زمن ، اقتصادياً لن تخسر شئ فالتيار الاسلامي فى ملف الاقتصاد و حتى الحريات هو مجرد شخص علماني يمسك سبحة دينية فى يده ، و سياسياً صعود الاسلاميين انهي القومية العربية و الوحدة العربية و اليسار العربي ، و على المدي البعيد سوف ينهي شعبية الاسلاميين الجارفة و تعلق الشعوب العربية بالاسلاميين و تعلق الشعوب العربية بأى تجربة من تجارب الاسلام السياسي فى ايران او فلسطيني او لبنان.
كما ان لكل فعل رد فعل ، و صعود الاسلاميين فى العالم العربي سوف يجعل الكثير من القوى الغربية تقتنع اكثر و اكثر بفكرة يهودية دولة اسرائيل ، على اعتبار انها دولة تعيش وسط دول دينية ، فيجيب ان تحافظ على خصوصيتها الدينية عبر اعلان صريح و واضح.
و من ضمن ردة الفعل ما جرى من تظاهرات امازيغية فى تونس و ليبيا ، او بعض المخاوف المسيحية فى مصر ، مما يشكل عودة لتفعيل مشروع الشرق الاوسط الكبير ، و تكرار سيناريوهات تقسيم البلاد العربية على غرار ما جرى فى السودان ، حينما كان لسيطرة الاسلاميين على الحكم فى الخرطوم اثر كبير فى تسريع مطالبة جنوب السودان بالانفصال التام و النهائى عن الخرطوم
( 3 ) لماذا تقف روسيا ضد ثورات الربيع العربي و تساند جميع الأنظمة القديمة الباقية ؟!!
تمترست روسيا، طيلة سنة ونصف كاملة، في موقع المتشكك من «الربيع العربي» وآثاره السياسية، وفي حين نظمت الاحتفالات في عواصم غربية وإقليمية كانت موسكو تنظر بعين الريبة إلى ما يجري. تراوحت التفسيرات للموقف الروسي بين إرجاعه إلى العداء الأيديولوجي أو إلى نظرية المؤامرة، وفي كلتا الحالتين - وما بينهما - غاب عن التكهنات تعيين المفاتيح التفسيرية للموقف الروسي، والتي تلقي الضوء على مجموعة الأسباب من دون الاكتفاء ببعضها. لذلك تحاول السطور المقبلة تسليط الضوء على الاعتبارات التي دفعت بروسيا إلى موقعها المتشكك، ثم ينتقل التحليل إلى محاولة تفسير أهمية سوريا في الحسابات الروسية، وأخيرا إلى توقع خطوات روسيا المقبلة في الملف السوري.
الشاهد أن هناك مجموعة من المفاتيح لفهم الموقف الروسي من «الربيع العربي»، أولها أن السمة المشتركة للتغييرات السياسية التي جرت في البلدان العربية الواقعة في شمال أفريقيا تمثلت ـ من المنظور الروسي - في إحلال حركات إسلامية محل الديكتاتوريات المدنية، حتى مع اختلاف طبيعتها البنيوية بين بن علي ومبارك والقذافي. وعزز ذلك التقدير التطورات السياسية التي جرت في الدول الثلاث منذ نهاية العام 2010 وحتى الآن، وبالتالي لم تر موسكو أسبابا كثيرة للاحتفاء بالظاهرة. ويظهر ثاني المفاتيح في تجربة روسيا المريرة مع أفغانستان، والتي استنزفت قدرات الاتحاد السوفياتي إلى درجة دق المسمار الأخير في نعشه. وقتذاك انتظم تحالف إقليمي - دولي لاحتضان الحركات الجهادية يتشابه إلى حد ما مع ذلك التحالف المتبلور الآن لإسناد النتائج السياسية للتغيير في دول «الربيع العربي»، الفارق يكمن فقط في أسماء العواصم، إسلام آباد والرياض وقتذاك واسطنبول والدوحة الآن. صحيح أن الحركات الجهادية العاملة في أفغانستان وقتذاك تختلف فكرياً مع الحركات السياسية المتصدرة للمشهد السياسي في تونس ومصر وليبيا، إلا أن الرابط الأميركي في المنتظم الإقليمي ـ الدولي المتشكل حول «الربيع العربي» يشكل قاسماً مشتركاً بين تجربة أفغانستان وما يجري الآن، من المنظور الروسي أيضاً.
يمكن تقدير أن ثالث المفاتيح لفهم التشكك الروسي حيال «الربيع العربي»، يعود إلى تخوف روسيا من امتداد نطاق تأثيره إلى الشيشان ذات الأغلبية السكانية الإسلامية والأهمية الاستراتيجية الفائقة؛ كون الشيشان ممر روسيا الإجباري إلى بحر قزوين وثرواته. ويعني ذلك استحضار تجربة مريرة أخرى لروسيا، التي اعتقدت - ومازالت - أن الحركات المسلحة في الشيشان التي خاضت ضدها حربين رسميتين وأخرى كثيرة غير معلنة، لم يمكن أن تتم من دون إسناد إقليمي - دولي مشابه. تشكل هذه المفاتيح الثلاثة أرضية الريبة الروسية المبدئية من ظاهرة «الربيع العربي»، فإذا أضفنا إلى تلك الاعتبارات عاملا رابعا يظهر في امتداد الحراك الشعبي إلى سوريا، لأمكننا أن نتصور «التهديدات والمخاطر» التي يحملها الربيع العربي بين جناحيه، من المنظور الروسي طبعاً. يتمظهر العامل الخامس لفهم الموقف الروسي من ظاهرة «الربيع العربي» في انتظام شريحة جغرافية ممتدة على قارتين من تونس وحتى سوريا، إذا سارت نتيجة الحراك في الشام كما سارت في تونس ومصر وليبيا، وهو ما يعني «لعبة كبرى» من نوع جديد، على غرار الحروب الاستراتيجية التي دارت بين بريطانيا العظمى وروسيا القيصرية قبل قرنين من الزمان، وبين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي أثناء الحرب الباردة 1945-1990.
تتعزز المخاوف الروسية من امتداد «الربيع العربي» إلى سوريا لاعتبارات خاصة إضافية بالحالة السورية مقارنة بالحالة الليبية مثلاً، لأن طبيعة سوريا الجيو - سياسية تجعل ما يعتمل فيها من حراك، يفيض خارج حدودها السياسية الحساسة، فيما تحبس الصحراوات الليبية الشاسعة ارتدادات ما يعتمل فيها من تغيرات عن المضي خارج الحدود. من نافلة القول أن روسيا تملك عبر علاقاتها مع سوريا إمكانية التأثير بمعادلات القوى الإقليمية، وما يعنيه ذلك من حضور بموازنات القوى الدولية كذلك. تمكن علاقات دمشق وموسكو الأخيرة، معطوفة على عامل الديموغرافيا في إسرائيل (خمس السكان من أصول روسية)، من إطلاق مبادرات سلام في أي وقت تقريباً وحجز مكان على طاولة التفاوض. كما أن مشاركة روسيا في عمليات مكافحة القرصنة في البحر الأحمر، لا يمكن تعقلها من دون قاعدتي الإمداد والتموين على الساحل السوري. تأسيساً على ذلك، تعد سوريا أحد المداخل الممتازة لروسيا كي تلعب أدواراً دولية تحتاج إليها موسكو، في سعيها الحثيث واللا منتهي والمشروع لتظهير نفسها قطباً دولياً. ومع تطور الحراك الشعبي في سوريا لغير مصلحة النظام؛ بالتوازي مع عجز الأخير عن إظهار أية إمكانات للحل السياسي واعتماد القبضة الأمنية، اضطرت موسكو للتدخل بغرض إحباط التحركات الدولية في مجلس الأمن وإغلاق الطريق أمام استصدار قرارات ضد النظام في دمشق. وإن أغضب التدخل الروسي دوائر عديدة إقليمية ودولية، إلا أنه أظهر قدرات موسكو وجعلها هدفاً تسعى العواصم المعنية إلى استمالته. وراجت أحاديث «الصفقات» لتسيطر على التفسيرات العربية مجدداً، وإن احتار المفسرون في تحديد الثمن الذي تريده روسيا لقاء التخلي عن سوريا؟ ما هي طبيعته؟ وأين؟
حضرت قبل أيام ندوة هامة في العاصمة الروسية عن «الربيع العربي» واعياً بالاعتبارات والسؤالين السالفي الذكر، وشارك في الندوة مستشرقون وديبلوماسيون وسياسيون روس على مستوى عال. وأظهرت حصيلة النقاشات والأحاديث أن السؤالين المذكورين أعلاه يبدوان في غير محلهما، بل يعكسان قصوراً في فهم السياسة الروسية، ناهيك عن أهمية سوريا في الإطار الروسي العام لاستعادة المكانة الدولية. لا تستطيع روسيا الاستمرار في المواقع ذاته والقيام بالأداء السياسي ذاته لعرقلة مساعي المنتظم الإقليمي - الدولي المناوئ في مجلس الأمن دون أفق سياسي، خصوصاً مع تدحرج الوضع على الأرض باتجاه مآس من المرجح أن تفيض عن الحدود السياسية لسوريا. ومن ناحية أخرى، وفي ضوء الأهمية الاستثنائية لسوريا، لا تستطيع موسكو المقايضة على سوريا. ولذلك يبدو منطقياً وتحليلياً أن موسكو سائرة على طريق حل سياسي ترعاه هي، بحيث تجنّب سوريا ضربة عسكرية أو تقسيما جغرافيا - طائفيا، وكلاهما سيكون وبالاً على المنطقة في كل الأحوال. الأرجح بعد سماع المداخلات وتحليل اللغة الديبلوماسية الهادئة، الذكية وغير المباشرة، أن روسيا التي دعت قبل أيام قليلة إلى مؤتمر دولي حول سوريا يضم الأطراف المعنية إقليمياً ودولياً (لم يلق اهتماماً إعلاميا وسياسياً يتناسب معه)، تسير في اتجاه حل يحفظ سوريا من ضربة عسكرية وتقسيم، وفي الوقت نفسه يعطي الشعب السوري حقه في الحرية والكرامة، ويضمن عملية سياسية تنتهي بانتقال سلمي للسلطة وبضمانات دولية. في هذه الحالة ومع احتفاظ «سوريا ما بعد الحل» بالخطوط الأساسية لسياستها الإقليمية، تكون موسكو قد حرمت المنتظم الإقليمي - الدولي المناوئ لها من جني مكاسب سياسية ومنعته من تعميم السمة المشتركة الأساسية للتغيير السياسي في دول «الربيع العربي» - إحلال الديكتاتوريات المدنية بحركات ذات طابع أيديولوجي متشابه - على سوريا أيضاً. ومن شأن نجاح هذا السيناريو تحقيق نتيجتين، واحدة إقليمية والأخرى دولية. تعني الأولى الإقليمية تغيير كامل مسار «الربيع العربي» في السنة والنصف الماضية، إلى وجهة جديدة تعترف للشعوب بحقها في الحرية والكرامة، ولكنها لا تقلب التوازنات الإقليمية والدولية الراهنة. أما الثانية الدولية فتعكس سعياً روسياً واضحاً لتحدي النظام الدولي الأحادي القطبية وتراتبيته الراهنة. طبيعي أن حلاً/ سيناريو كهذا سيواجه بعراقيل جدية ومتنوعة من أطراف المشكلة، ولكن روسيا تبدو، على الأرجح، في طريقها في الفترة القريبة المقبلة لتصبح «عرابا للحل» في سوريا ضمن الإطار والمقتضى الوارد أعلاه.
هذا المقطع تؤكد فيه هيلاري كلينتون أن امريكا من زرعت التطرف في باكستان و أفغنستان و قامت بالصرف عليهم و بوضع أرهابيين في هذه البلاد لمحاصرة روسيا بعد أن كان للأتحاد السوفيتي نفوذ كبير فكان يجب أن يتم محاصرته بالتطرف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق