الخميس، 1 سبتمبر 2016

بين الأمس واليوم يا قلبي فلتحزن



بين الأمس واليوم يا قلبي فلتحزن

لو كنت متحكما في مشهد الطفلة المسيحية التي كانت تصرخ مستغيثة بوالدتها أثناء مشاهدتهم لبعض المغيبين من المسلمين وهم يهاجموا منزلهم بالحجارة ، ما كنت أوقفت ذلك المشهد أطلاقا ، فلتتركوا تلك الفتاة تصرخ وتبكي خوفا ، فلتتركوها أياما حتى تصل القنوات المحلية والعالمية ، فليصورها الجميع ويذيعوا صرخاتها مباشرة علي الهواء ليشاهدها الصغير قبل الكبير ، ليعلم الجميع أن ذلك الرعب في صوت تلك الفتاة سيكون في نفس كل مواطنا إذا ما غاب التسامح و حضر العنف الطائفي .


قبل أكثر من ١٤٠٠ عام تقدم صبي مسيحي يدعي عداس من النبي محمد وقدم له عنقودا من العنب ، تناوله الرسول ورأسه يتساقط منها الدماء بعد أن سلط أهل الطائف أطفالهم حتى يقذفوا النبي بالحجارة ، جلس الصبي المسيحي يتحاور مع النبي محمد في تسامح وقت كان النبي مضطهدا في وطنه ومن اقرب الناس إليه .


وحينما اشتد العذاب بأصحاب النبي محمد في مكة ، طلب من أتباعه الخروج إلي الحبشة لأن بها ملكا عادل يدين بالمسيحية ويتبع فضائل الأخلاق ، خرج المسلمين إلي الحبشة وأستقبلهم ملكها ورفض أعادتهم إلي قريش وآواهم في مملكته عدة سنوات .

وبعد أن أصبح الإسلام قويا ،  أرسل النبي محمد رسولا إلي المقوقس حاكم مصر ليدعوه إلي الدخول في الإسلام وكانت مصر وقتها تدين بالمسيحية ، رد عليه المقوقس برسالة عذباء ومعها العديد من الهدايا وأهداه السيدة ماريه القبطية ، التي تزوجها الرسول فيما بعد لتصبح أما للمسلمين .

هكذا المسيحيين احتضنوا المسلمين في صدر الإسلام حينما كانوا ضعاف ، فلم ينسي النبي محمد ذلك ليوصي أصحابه والمسلمين من بعده قائلا  " إذا فتح الله عليكم مصر فاستوصوا پاهلها خيرا فان لهم ذمة ورحمه " وقتها كان أهل مصر من المسيحيين

قبل ألف عام قالها أبو الحيان التوحيدي " من عامل الناس بالتسامح .. زاد استمتاعه بهم " هكذا قرأها من صفحات التاريخ ، وهكذا لم يقرا دعاة الفتنه الطائفية أي تاريخ ، فسكبوا الملح علي جرح الفتنه الطائفية ليزداد الجرح الم ، بعد أن اندمل جرح الثمانينات المرير



لم يكن الربيع العربي يحمل الأحلام الوردية وروح التسامح كما كان يحلم البعض فداعش تضطهد الجميع في سوريا ، والسنة و الحوثيين يفتكوا باليمن ، وفي مصر حاول السلفيين عقب الثورة أن يعيدوا أيام الثمانينات مرة آخري ولكن كان المجتمع أقوي من اضطهادهم للمسيحيين والشيعة .

ففي ستينات وسبعينات القرن المنصرم وفي غيبه من الجميع تسرب إلي المجتمع المصري العديد من الأفكار الطائفية التي تحرض علي التميز ضد المسيحيين فجاءت الأحداث الطائفية علي مدار عقدين دمويين ، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل امتد الأمر إلي البهائيين في مطلع الالفيه الجديدة ، وصولا لمهاجمة منازل الشيعة ومقتل أربعة أشخاص منهم بالجيزة عام 2012 ، فتلك الحرب التي يشنها بعض الرجال المحسوبين علي الدين هي حرب خسيسة ظاهرها الدين وباطنها بعد ما يكون عن دينا أمر بالتسامح


خصوصا في دولة مثل مصر تفتقر لعدالة قويه وناجزه للقضاء علي العنصرية و بعد أن غلبت أراء بعض الطائفيين علي أصل الدين ، وأصبحت بعض المعتقدات الهاوية أقوي مما استقر عليه الضمير الإنساني من روح التسامح ، أصبحت النزعات الطائفية الثمه الغالبة ، فالجميع يراهن علي روح التسامح فهي ملاذ المجتمع للعيش في أمان ، فتلك المشاهد المرعبة للاعتداء علي الكنائس عقب فض اعتصام رابعة ، أو تهجير الأسر المسيحية عقب كل مشكله بين مسلم ومسيحي في قري الصعيد ، ومحاصرة منازل الشيعة  وقتل بعضهم ليست من الدين في شيئ ، فهؤلاء الذين هجروا من منازلهم عنوة اليوم ، سيتمسكون بها غدا ولهم كل الحق في ذلك فالقانون والدين قد أعطاهم الحق في الدفاع عن أنفسهم ، فكل تلك المشاهد التي تخرج علينا كل فترة علي يد مجموعه من العنصريين لن تؤدي بنا إلا إلي طريق واحد وهو عراق السنة و الشيعة

فالغرب يعيش اليوم علي أراضيه عديد الأجناس ومختلفي الديانات ، الجميع يعيش في سلام وتسامح والنتيجة مجتمعات متحضرة متقدمه الجميع يحترم الجميع وقبل ذلك يحترموا الدستور والقانون الذي يحض علي التميز

وعلي الناحية الأخرى فالسنة والشيعة في العراق ، وداعش الاسلاميه ضد جميع طوائف الأديان الأخرى في سوريا ، مشاهد دمويه متكررة وقمع واضطهاد .

فالمشهدين أمام أعيننا واضحين مجتمعات تعيش في تسامح و مجتمعات تعيش في عنصريه وطائفيه ، تلك جنة الله علي الأرض وتلك جحيم الله علي الأرض ، فهل من عاقلا يدعي بأن تعاليم دينه تحض علي الكراهية لتجعل الأرض جحيم !!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق