الخميس، 28 أبريل 2016

ميكافيلية النبي محمد والخضر



عزيزي القارئ المسلم عليك أن تتخلي عن اندفاعك وسبابك الذي يلازمك بمجرد ان تقرأ أي شخص يطرح فكرة جديدة في الدين غير التي تربيت عليها ، دعك من كل هذا وأقرأ وبعد ذلك عليك أن تري إذا كانت فكرتي صائبة أم خاطئة .

حينما صاغ نيكولو ميكافيلي مبدأه الغاية تبرر الوسيلة في القرن السادس عشر الميلادي ونشرها في كتابه الأمير ، كان يعتقد العالم أنه صاحب هذه الفكرة او ذلك المبدأ ولكن في حقيقة الأمر أن هذا المبدأ قديم لأبعد من ذلك بقرون كثيرة

فقصة النبي الذي تقابل مع عبدا صالحا أو عالما صالحا قد ذكرت في التلمود ( كتاب اليهود المقدس ) في قصة الربي يوحنا بن ليفي و الياهو الملك ، وقد ذكرت أيضا في القرآن في سورة الكهف في قصة النبي موسي والخضر الذي أختلف بين علماء المسلمين علي كونه عبدا صالحا أو نبيا ، ولكن المتفق عليه انه رجلا صالحا .

وإذا ما تفحصنا قصة النبي موسي والخضر الواردة في سورة الكهف في القرآن وبحثها بشيء من التفصيل لنجد أن الخضر كان ميكافليا قبل مولد ميكافيلي بأكثر من ثلاثة آلاف عام .

حيث جاء في سورة الكهف " فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا {الكهف/74} ، ثم تكتمل قصة ذلك الغلام حينما أجاب الخضر علي النبي موسي " وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا {الكهف/80} فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا {الكهف/81}

فالبين من أفعال الخضر أنه وجد طفلا صغيرا لا حرجا عليه ولا ذنب ، ولكنه خاف علي والديه المؤمنين من ان يتعبهما ذلك الطفل فقام بقتله ، فالغاية هنا هو حماية الوالدين المؤمنين من الظلم والكفر ، والوسيلة هنا كانت قتل طفل صغير لا ذنب له .

وبعيدا عن بحث ما فعله الخضر وهل هو صح أم خطأ استنادا إلي ما جاء من تعاليم الإسلام ذاتها ، ولكن الجدير بالبحث هنا هو موقف الإسلام نفسه من الميكافيلية ، ورغم انعدام أرء الفقهاء في ذلك الأمر من وضع الإسلام من الميكافيلية أو من مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ، إلا أن ذلك لا يمنعنا بإبداء رأينا في ذلك الأمر .
وحيث انه بعد بحث وجد أن الإسلام سواء بما جاء في القرآن أو في سنة الرسول قد أعتنق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة قبل أن يطرحها  نيكولو ميكافيلي بما يقرب من تسعة قرون كاملة ، وذلك للأسانيد الآتية :

أولهما : قصة الخضر وما أؤكد في القرآن من أنه عبدا صالحا و أفعاله صالحه ، فما قام به الخضر من قتل طفل صغير لهو وسيلة غير مشروعه وذلك لقوله تعالي في سوة المائدة " ولأجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا " فالقتل في الإسلام لسببين أولا أن يقوم شخصا بقتل شخصا آخر او يفسد في الأرض فأما الطفل الذي قتله الخضر لا هو قاتل ولا هو افسد ، ولكن الغاية من القتل هي خشية أن يظلم والديه المؤمنين وهي غاية نبيلة

ثانيها : ما فعله الرسول من خروجه مع بعض المسلمين قبل غزوة بدر من انتظار احدي قوافل قريش من اجل قطع الطريق عليها والاستيلاء علي ما بها ( وسيلة غير مشروعه ) من اجل اخذ حق أموال المسلمين التي تركوها بمكة وأستولي الكفار عليها ( غاية نبيلة )

فهذين الدليلين أولهما من القرآن وثانيهما من السنة النبوية لأكثر ما يؤكد علي ميكافيلة الإسلام ، وانه لان كانت الغاية نبيلة فأنه تبرر الوسيلة المحرمة أو السيئة أو المشينة

ورغم اختلاف الكثير حول مدي أخلاقية الميكافيلية مع الأخلاقيات التي تواتر عليها الضمير الإنساني ، إلا أن الميكافيلية أو مبدأ الغاية تبرر الوسيلة ثابت من أفعال الأنبياء والصالحين سواء في التلمود الكتاب المقدس عند اليهود أو القرآن الكتاب المقدس عند المسلمين .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق